{ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4)}{ثُمَّ اْرجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ} أي رجعتين أخريين في ارتياد الخلل والمراد بالتثنية التكرير والتكثير كما قالوا في لبيك وسعديك أي رجعة بعد رجعة أي رجعات كثيرة بعضها في أثر بعض وهذا كما أريد باصل المثنى التكثير في قوله:لوعد قبر وقبر كان أكرمهم *** بيتًا وأبعدهم عن منزل الذامفإنه يريد لوعدت قبور كثيرة وقيل هو على ظاهره وأمر برجع البصر إلى السماء مرتين إذ يمكن غلط في الأولى فيستدرك بالثانية أو الأولى ليرى حسنها واستواءها والثانية ليبصر كواكبها في سيرها وانتهائها وليس بشيء ويؤيد الأول قوله تعالى: {يَنقَلِبْ إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئًا} فإنه جواب الأمر والجوابية تقتضي الملازمة وما تضمنه لا يلزم من المرتين غالبًا والمعنى يعد إليك البصر محرومًا من إصابة ما التمسه من إصابة العيب والخلل كأنه طرد عنه طردا بالصغار بناء على ما قيل أنه مأخوذ من خسأ الكلب المتعدي أي طرده على أنه استعارة لكن في الصحاح يقال خسا بصره خسا وخسوأ أي سدر والسدر تحير النظر فكان تفسير خاسئًا تحيرًا أخذًا له من ذلك أقرب وكأنهم اختاروا ما تقدم لأن فيه مبالغة وبلاغة ظاهرة مع كونه أبعد عن التكرار مآلا مع قوله تعالى: {وَهُوَ حَسِيرٌ} أي كليل من طول المعاودة وكثرة المراجعة يقال حسر بعيره يحسر حسورًا أي كل وانقطع فهو حسير ومحسور وقال الراغب الحسر كشف الملبس عما عليه يقال حسرت عن الذراع أي كشفت والحاسر من لا درع عليه ولا مغفر وناقة حسير انحسر عنها اللحم والقوة ونوق حسرى والحاسر أيضًا المعيي لانكشاف قواه ويقال له أيضًا محسور أما الحاسر فتصور أنه قد حسر بنفسه قواه وأما المحسور فتصور أن التعب قد حسره وحسير في الآية يصح أن يكون عنى حاسر وأن يكون عنى محسور والجملة في موضع الحال كالوصف السابق من البصر ويحتمل أن تكون حالًا من الضمير فيه وقرأ الخوارزمي عن الكسائي ينقلب بالرفع وخرج على أن الجملة في موضع حال مقدرة وقوله تعالى: